عمر وباسل

Your pictures and fotos in a slideshow on MySpace, eBay, Facebook or your website!view all pictures of this slideshow

الجمعة، 29 فبراير 2008

ذكريات 1

" اللوحة للصديق الفنان رفيق البغدادى من وحى قصة محمود سليمان "





الذكريات زاد الروح والقلب ، جُب عميق يحاول الإنسان الخروج منه مرة ويبحر فى أعماقه مرات 00فى كل مرة سآتيكم بقبس منها قد يزيح شيئا من العتمة 00

( ذكريات و تساؤلات ) خواطر بقلم إيهاب رضوان

" يا إلهى ! كيف يكتهل الفتى بلمحة
أم أن كل خسارة تعنى اكتهالا فى الزمان؟
مهلا و أجل دمعة العينين
حاول مرة أخرى
و لا تسقط تماما يا حصان ! "


محاولا الولوج مرة أخرى إلى عالم الكتابة الحبيب ، أطرح ذلك السؤال اللحوح : لماذا توقفت عن الكتابة ؟....الإجابات كثيرة و متنوعة
وجميعها مردود عليها.. منها ضياع الحلم العام و التقوقع فى إطار الأحلام الذاتية ، ومنها الانحدار و الركود السياسى و الفكرى المستشرى حولنا .. كذلك الانشغال الشديد بالأعباء الأسرية و الزوجية .. بل أحيانا يصل الشك إلى زوال الموهبة نفسها ربما .. وحين يحلو لى تجميل الأمر، ألجأ إلى حيلة الاكتمال المزعوم مرددا أن الكاتب إذا اكتمل انفجر،

و حتى إذا لم ينفجر أو يحترق ، فإنه يصبح صعب الإرضاء ، فيرى ما يكتبه تافها..
حتى فى لحظات السعادة يجف الحبر أيضا و كأننى أكتفى بعيش لحظات السعادة بكل طاقتى بينما أكتب عن الحزن باقتدار بالغ ، رغم أننى إنسان يمتلك قدرا لا بأس به من الرضا بصفة عامة ..
بدأت القراءة منذ الصف الرابع الابتدائى ، والقراءة المركزة من الصف الأول الثانوى ، فبدأت أتناول المؤلفات الكاملة لكل كاتب بمفرده ، يوسف إدريس و يوسف السباعى

و محمد عبد الحليم عبدالله و يحيى حقى والسحار ونجيب محفوظ وأنيس منصور وغيرهم .. كان يحلو لى الجلوس فى المكتبات العامة واستخراج الكتب القديمة التى يعلوها الغبار المعتق ، يتسلل إلى أنفى فأنتشى ..
ثم بدأت قراءة الأعمال المعاصرة فى الشعر والقصة والرواية ، كنت كائنا قارئا بحق ، أقرأ فى أى وقت حتى أيام الامتحانات وفى أى مكان حتى دورة المياه -لا مؤاخذة - حين تشتد رقابة الأسرة أيام الامتحانات المهمة .. هويت التنقيب فى كتب والدى الأزهرية عن المشكلات العويصة فى النحو فزادت حصيلتى اللغوية بشكل مذهل وأصبحت لغتى العربية ممتازة فى سن مبكرة ...
البداية الحقيقية للكتابة كانت فى السنة الثانية من المرحلة الجامعية فى كلية التربية - قسم الرياضيات - التى أعشقها منذ الصغر... تعرفت على شخصية مدهشة هى شخصية (د. عمر الشبراوى ) أستاذ التاريخ الإسلامى ، كوّنا معا منتدى أدبيا للجامعة كلها فى كليتنا.. وفى هذا المنتدى
ترعرعت موهبتى سريعا فأصبحت أنشر قصصى فى معظم المجلات والجرائد الشهيرة وفزت فى مسابقات عديدة ... كان (د.عمر) ينقدنا ويوجهنا بحنو وحزم ، ويحل مشاكلنا اليومية والعائلية ببسالة ، ويشاركنا الرحلات والمرح بقلب طفل .. مكتبه كان مطارا دوليا للجميع .. المفتاح معنا ندخل وقتما نشاء لإعداد المسابقات ومجلات الحائط والندوات وحين تضج من الجوع عصافير بطوننا ، ينقلب المكتب إلى مطعم كبير يمتلئ بأطباق الكشرى والفول والطعمية .. تمتلئ أفواهنا بالطعام اللذيذ وتفيض عيوننا وقلوبنا حبا لهذا الرجل ، الذى سميت طفلى الأول - عمر - باسمه ولا تزال صلتى الوطيدة به مستمرة بشكل عائلى متكامل منذ أكثر من 12 عاما ..
من بين أعضاء المنتدى تكونت مجموعة صغيرة حوالى عشرة طلاب وطالبات ، نشأت بيننا صداقة حميمة .. ضمت المجموعة شخصيات جميلة ومتفردة .. شعراء وقصاصون ورسامون وغيرهم .. كانت هناك كثير من قصص الحب الفاشلة دوما... أصدقائى : لا تخافوا ... لا أقصد مطلقا مجرد الحديث عن نفسى .. إننى قليل الكلام بطبعى ولكن على الورق أصبح كارثة .. اصبروا تجدوا ما يسركم ....
سوف أحكى لكم هذه المرة عن صديقى
( محمود سليمان ) .. حكايته فى غاية الرومانسية واللذاذة .. هو أكثر أهل الأرض تفاؤلا ومرحا ولا يزعجه شىء فى الحياة أبدا .. بدأ كاتبا للقصة القصيرة وكان يعتبرنى أستاذه ويبدو أننى قمت بدورى تجاهه خير قيام ، فجعلته يترك القصة ويتجه للرسم والفن التشكيلى .. عندما أحب فتاة زميلتنا وأحبته ، اشترى دبلتين فضة وأعلن الخطبة أمامنا فى الكلية وأمام أبيه .. بدأ يحلم بالبيت والأولاد وشكل الشقة التى سيتزوج فيها ، إلا أننى كنت أعتقد دوما أنها لا تستحقه ...
أذكر مرة بعد أن بدأ يعمل بتجارة الملابس وهو طالب ، أن جاءنى اتصال تليفونى من شخص لا أعرفه يقول إن
(محمود) محتجز بقسم الشرطة ويطلب منى نجدته !!.. ذهبت إليه مع صديق آخر، تحدثنا معه من نافذة الحجز الضيقة وروى لنا أنه قبض عليه للتحرى لأنه سافر إلى بورسعيد بدون بطاقة شخصية .. كنا ملهوفين عليه وكان باسما ، بل سعيدا ، يحدثنا عن الشخصيات المدهشة التى معه فى الحجز من المجرمين وفجأة سألنى : " واد يا إيهاب ما جبتش أكل معاك ؟ ".. ناولته الساندوتشات من بين القضبان و أنا أشب على أصابعى لأشاهده يأكل وعيناه تلمعان بالبهجة ، حتى كدت أحسده...


" أنا لم أجد رجلا يعيش بقلب أم مثله !
رجل رؤوم
هو الحنون ابن الحنونة والحنون
وهو الذى يرعى أباه هشاشة
وترفقا
وكأن والده جنين
وهو الذى ظلت أمومته تظلل أمه
ليرى ابتسامتها
ويفزع أن يكون بصوف كنزتها
و لو خيط حزين !!.. "

والآن حكايته الألذ ... كان يزور عمه الفنان التشكيلى الذى يعمل مدرس تربية فنية بمدرسة صناعية ، فوجد فى مخزن المدرسة كتلة حديدية صماء ، أخبره عمه أنها قذيفة مدفع فاسدة من مخلفات نكسة يونيو 1967 م ... عندئذ خطرت ل (محمود) تلك الفكرة العبقرية .. أن يحول تلك القذيفة الفاسدة – رمز الحرب والدمار – إلى حمامة بيضاء – رمز الحب والسلام – ضحك منه عمه ، فلم يكن يتصور حدوث ذلك .. القذيفة يغطيها الصدأ بالكامل ، فظل ينظفها أياما طويلة ، حتى أن عمه كان يتركه وحيدا فى المدرسة بعد انصراف الجميع ، ليعمل وحده بكل جد وتلك الابتسامة الخالدة على وجهه ، واثقا من تحقيق حلمه.. يا سلام آلة الحرب الجهنمية سيحولها إلى مخلوق وديع يملك من المحبة والسلامة النفسية مثلما بقلب (محمود) تماما...


" هو شاعر
والشعر يجرى فى يديه بلا كلام
الحب فيه طبيعة منذ الولادة
مثلما تقضى الطبيعة
أن رفرفة الجوانح فى الحمام
تدنو أصابعه
طيورا فى فناء الدار
تنثر رزقها حَبّا وحُبّا
ثم تعلو فى التكتم والغمام "

النار ربما تزيل الصدأ .. أشعل الموقد ووضع الكتلة فوق النار.. فى ثوان انتهت مشكلة الصدأ تماما .. وانتهى الفتى أيضا .. رجال الإسعاف والشرطة والأهل فشلوا فى لملمة أشلائه المتفحمة .. نعم .. القذيفة كانت سليمة تماما وقابلة للانفجارمنذ عام 1967م ، أى قبل مولد (محمود) نفسه بسنوات طويلة!!... أداة موته المروعة ظلت تنتظره بشغف كل هذه السنوات حتى تجاوز العشرين من عمره الغض .. مئات من الطلاب والمعلمين أمسكوها ، لكنها انتظرت يديه هو ، كأنها تعرف بصمات أنامله بالذات .. ليتأكد له ولنا كم هى لذيذة هذه الحياة .. الدموع كانت أنهارا .. هى المرة الوحيدة التى بكيت فيها أمام عشرات الأشخاص فى فناء الكلية حيث عرفت الخبر أثناء زيارتى ل (د.عمر) والأصدقاء بعد تخرجى .. كان الحزن أكبر منا حتى احتوانا بداخله ولم يسكن هو بداخلنا .. حتى الآن وبعد أكثر من سبع سنوات لم يكتب أحدنا – شاعرا أو قاصا – عملا أدبيا واحدا عنه ، رغم محاولاتنا العديدة ..أحزان بالجملة وخبر صغير عن الحادثة منشور فى ركن الصحيفة ، هم كل ما تبقى من (محمود) .. محبوبته تزوجت طبعا وأسمت طفلها الأول محمودا مثله...

" أيها الصياد الكهل
ذو النظارة السميكة
أيها الأشعث الذى يرتجل شأنه
أيها الذى لا يعرف العدل ، أيها الموت
سأقودك من شحمة أذنك
و آمرك أن تفتح عينيك جيدا
لترى فداحة فعلتك الأخيرة !
أريد صاحبى أيها الموت
أيها الذى جعلته يمعن بعدا
عن المحبوب وبلد المحبوب
وتركت فى عينى سخط خليقة كاملة .. "
" بغيابه..
حرقوا حديقة مكرمات كاملة
والله إن قلنا له ينخاك محتاج
سأعجب كيف يمنعه الضريح
من القيام !! "

* تسجيل صوتى للراحل محمود سليمان بصوته يلقى قصته القصيرة ( الشارب ) :




هه .. ما رأيكم؟.. قصة لذيذة كما قلت لكم .. أرأيتم أن كل هذا الحزن فى قصتى (التوت المحروق) ليس كثيرا كما يستغربه البعض .. بالمناسبة أنا لم أر فى حياتى شجرة توت حقيقية إلا مصادفة بعد كتابة قصتى ولم أعش جو القرية بكل تلك التفاصيل .. المهم .. المشكلة أن هذه لم تكن آخر الأحزان ولا أقساها .. لا تزال هناك درتى (ست الحزن) .. هذه روايتى الرهيبة التى ربما تجدونها ذات يوم ، عندما أنجح فى إخراج نفسى من بوتقة الذكريات وأعود إلى الكتابة بحق ، لأروى لكم أغرب قصة سمعتموها على الإطلاق .. الدراما التليفزيونية بجوارها مجرد تفاهة .... وشخصيات (هيتشكوك) المعقدة بجوار شخصياتها ، مجرد أطفال سذج .. حب وتضحية وزواج وطلاق وسفر واغتراب وعودة وقتل وسجن و... و... وكلها أحداث حقيقية وأحد أبطالها هذا الثرثار الذى لا شك أنكم تلعنونه وأنتم تقرأون كل هذه السطور .. فإلى لقاء. ( المنصورة فى 29/7/2007) " الأشعار من قصيدة (منيف)من مجموعة(ليلة مجنونة) للشاعر(مريد البرغوثى) " إيهاب رضوان

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

"هي طوق ابدي":عندماتشتعل الذكريات تحرق نفسها لتهدأ,لكن رمادها لا يفتأيغلي ويغلي ليلسع صاحبهاالذي يهرب منهامرة في اتجاه ومرة في اخر,ليجدهاامامه دائمافيختار طريقااخر ليجدان طوقهاأوشك أن يغلق!! عندهايعيش حاضره ومستقبله بوحيهاولإرضائهافإذا نجا من حصارهاوطوقها,غاص من جديدفي متاهة البحث عن ثقب في هذا الطوق ليلجه من خلاله هاربا ثانيةمن واقع اكتسح أماله ووجدانه وابقاه جسداواهيا فحسب.00000أستاذ إيهاب اشعلت ذكرياتي وماحسبت أحدا غير نفسي قادرا على إضرام نارها.

gigi يقول...

لااعلم ماسر احساسي منذ نعومة اظافري ان الاخيار دائما ما يرحلون مبكرا للعالم الاخر وكأنه اي التبكير علامة تفوق ربما لكن الحياه علمتني انها ليست مجر فكره رومانسيه محضه عاهدت وسمعت عن الكثيرين جدا ممن بلغوا اوج التفوق برحيلهم لا لشئ ربما سوي لان عالمنا القاحل لايستحق ان يتزين بهم فلهم واظن ان صديقك محمود منهم فله ولهم الرحمه جميعا لربما هم في عالمهم يتطلعون الينا ويتهامسون حتما اننا نحن لا هم الاموات.فليرحم ربي الجميع وشكرا لك سخائك ايهاب اعطيتنا من دررك فليعطك الله من نعيمه ما يفوق الآم البشر منذ الازل حتي النهايه