عمر وباسل

Your pictures and fotos in a slideshow on MySpace, eBay, Facebook or your website!view all pictures of this slideshow

الاثنين، 16 فبراير 2009

( طار فى الهوا شاشى وانت ما تدراشى )



                                     " فى الصورة عاصم وعمر وباسل "

( طار فى الهوا شاشى وانت ما تدراشى ) 

لا شك أن ( عاصم ) أدى صلاة الفجر فى المسجد حاضرا ذاك الصباح .. جهزت له والدته إفطارا سريعا لكن نفسه كانت مسدودة بالطبع .. ودعته والدته بقبلاتها الحانية ودعواتها بأن يُسلك الله له طرقه ويفتحها فى وشه وختمت دعاءها بتلك الجملة : " ربنا يا بنى يعمى عينيهم عنك " .. فردد هو : " آمين .. آمين " ..

التقى ببعض أقرانه ممن سيسافرون معه وحملتهم السيارة واجفى القلوب إلى منطقة التجنيد بمدينة الزقازيق بالشرقية ، لتحديد مصيرهم فى التجنيد .. كان عاصم قد قدم أوراقه للالتحاق بوظيفة وكيل نيابة بعد تخرجه من كلية الشريعة والقانون واجتاز خطوات كثيرة فى طريقه ليحمل لقب ( عاصم باشا ) ، وطلبوا منه موقفه من التجنيد ، لذا فقد كان يشعر أن مستقبله كله يتوقف على إعفائه من التجنيد كما يحلم .. المهم .. ساعات طويلة مرت وسط الزحام الرهيب المعهود وكأنه يوم الحشر ، ولما حانت لحظة النطق بالحكم تعلقت عيون الجميع وأسماعهم وقلوبهم بالشخص الذى يذيع النتيجة بتقسيم الشباب إلى مجندين ومعفيين ومؤجلين .. قد تكون من مواليد نفس السنة والشهر لصديق لك ويتم تجنيدك أنت ويُعفى هو ، فالتواريخ بالأيام .. مما قد يجعلك تلعن اليوم الذى ولدت فيه أو تخلده باعتباره حدثا تاريخيا ..

صدر الحكم ببراءة المتهم ( عاصم محمد عيسى الأشقر ) وإعفائه من التجنيد .. المشهد عندئذ فى غاية الغرابة .. الكثير من الأحضان والقبلات والتهانى لمن تم إعفاؤه والتعازى والمواساة لمن تم تجنيده وكأن الالتحاق بالجيش المصرى مصاب عظيم وخطب فادح .. إن مقدار الذل والإهانة التى يعانى منها المجندون أمر لا يخفى على أحد والمكسب الحقيقى لفترة التجنيد غالبا هو أنه سيتولد لديك شعور عدائى تجاه البلد وسيتم وأد البقية الباقية بداخلك من أى شعور بالانتماء للوطن .. وحتى إذا كنت من المؤهلات العليا ومن المرفهين بالجيش بفضل واسطة ما ، فسوف تعتبر فترة التجنيد مجرد فترة ضائعة من عمرك بلا طائل ..

استقبله الأهل والأصدقاء فى القرية استقبال الفاتحين وأحس الجميع أنه يقترب أكثر من اللقب .. ( عاصم باشا ) .. بعد حوالى أسبوعين ذهب مرة أخرى لاستلام شهادة الإعفاء وبعد انتظار طويل لم يتسلمها وقيل إن عليه العودة فى يوم آخر .. " عادى وماله .. المهم عدينا يا معلم .. تيجى مرة تانية وتالتة يا فنان .. " .. هكذا ردد لنفسه ..

           ( طويل العمر يطول عمره وينصره على مين يعاديه هاى هى )

فى المرة الثانية تتابعت أسماء من حالفهم الحظ بالإعفاء وتقدموا لاستلام شهادات إعفائهم التى تعتبر شهادات ميلادهم الحقيقية ، بكل فخر واعتزاز .. ومضى الوقت ولم يسمع ( الموكوس عاصم ) اسمه .. 45 شابا من المعفيين لم يسمعوا أسماءهم وقيل إن شهاداتهم سقطت سهوا وعليهم الانتظار حتى العصر .. " يا سلام !! .. معاكم للصبح ..  بس أمسكها ف إيدى .. " .. وجاء العصر وتتابعت الأسماء واحدا واحدا فأذاعوا 44 اسما فقط من ضمن الخمسة وأربعين وبالطبع كان صاحب الاسم الناقص هو .. عندئذ فارقته الطمأنينة تماما وفكر أنه لم يتم إعفاؤه حتما .. ألم حاد بالمعدة وشعور بالدوار ورغبة عارمة فى البكاء .. هذا ما شعر به وهو يسأل عن شهادته .. قيل له إن اسمه لابد قد سقط للمرة الثانية وعليه أن يذهب إلى المكان الفلانى فى منطقة التجنيد ، وكان هذا المكان يبعد أكثر من 2 كيلومتر داخل منطقة التجنيد وكان اليوم أحد أيام شهر رمضان وهو صائم ، لكنه مشى المسافة طائرا فقيل له إن الشهادة فى ذلك المكان الذى أتى منه فعاد أدراجه سريعا بائسا وظل يلف ويدور ولا أحد يجيبه إجابة شافية .. " طيب يا جماعة لو أنا دخلت الجيش عادى بس حد يقول لى .. أعرف بس راسى من رجلى .. " .. وسؤال هنا ومشادة هناك فانفجر باكيا بالفعل .. حنّ عليه بعض أولاد الحلال وأدخلوه إلى رتبة من الرتب الكبيرة .. الحق يقال كان الرجل فى غاية الاحترام ، أجلسه وهدأ من روعه وطلب له كوبا من عصير الليمون وبعد أن تمالك عاصم نفسه من نوبة البكاء حكى له بلواه .. ببساطة شديدة استدعى الرجل أحد الجنود وأمره بإحضار شهادة عاصم فورا .. عشر دقائق فقط وكانت الشهادة الضائعة بين يديه .. شكر الضابط الكبير بحرارة وهو لا يصدق نفسه ومضى وهو يحدق فى الشهادة بعدم تصديق .. يقرأها مرات ومرات ليتأكد من صحة اسمه وبياناته وكان قلبه يكاد يطير من الفرحة .. ولكن شيئا آخر هو الذى طار بكل أسف .. فقد كانت الرياح شديدة للغاية والوقت ليلا فطارت الورقة من يده .. عادى .. هى أمامه على بعد خطوات .. مدّ يده ليلتقطها فطارت مرة أخرى .. " استنى يا بنت الكلب .. " .. جرى وراءها مذعورا وهى تراوغه عدة مرات وارتفعت أكثر وأكثر ..  " حرام عليكى استنى .. ده كتير قوى كده .. " .. لكنها لم تستمع إليه وأمام عينيه الجاحظتين ارتفعت أكثر لتختفى فوق بناية من ثلاثة طوابق !! ..

مضت لحظات وهو عاجز تماما عن الحركة ، ثم تصرف التصرف الوحيد القادر عليه عندئذ .. انفجر باكيا بطريقة أقرب إلى الولولة .. رآه ذلك الجندى الذى أدخله إلى الضابط الكبير فأخذه إليه مرة أخرى وما إن رآه الضابط يبكى من جديد حتى سأله مندهشا :

-  " إيه يا بنى مالك .. مش خدت شهادتك ؟ .. " ..

- أيوة يا أفندم .

- بتعيط ليه بقى ؟

-  ..........................................

- إنت حكايتك إيه يا بنى ؟ .. اقعد .. اقعد واحكى لى ..

ولما قال له عاصم إن الورقة طارت فوق البناية ، نظر إليه كمن ينظر إلى مجنون أو مريض نفسى ..

-  طارت إزاى يا بنى ؟

- والله العظيم طارت يا أفندم وطلعت فوق البناية اللى هناك دى .

حلفت أنا لعاصم وهو يحكى لى أننى لو كنت مكان الضابط لطردته معنفا وقلت له " امشى ياد العب بعيد .. " ..

لكن الضابط كان صبورا للغاية فاستدعى جنديا وأمره بالصعود لأعلى البناية والبحث عن الشهادة .. وخلال الدقائق التالية كان عاصم يفكر فيما لو كانت الورقة الملعونة قد غادرت البناية نهائيا ، كيف سيجدها وهل سيهتم به أحد وقتها ؟ ..

المدهش أن الجندى عاد بالورقة بالفعل وأمسكها الضابط وهو لم يصدق إلا الآن .. أعطاها لعاصم مبتسما بإشفاق ..

حاولت التفكير أين وضعها عاصم عندئذ ، لا شك أنه حاول إدخالها قلبه ليطمئن عليها .. وعاد بطلنا المسكين بعد يوم عصيب وطموحات تعيينه كوكيل نيابة تخفف عنه وطوال الطريق ظل يحلم باللقب الرهيب ( عاصم باشا ) الذى بدأ أهالى القرية بالفعل ينادونه به .. صحيح أن المخبرين المكلفين بالتحرى عنه كلفوه الكثير من النقود والولائم ، وصحيح أنه تعب من كثرة الامتحانات والسفر ولكن كله يهون فى سبيل المنصب العتيد .. مضت الأيام واجتاز كل الاختبارات والمقابلات والتحريات بنجاح منقطع النظير وانتظر النتيجة بثقة كبيرة مع الجميع .. وكما طارت الورقة من يده ، طار الحلم أيضا .. " طار فى الهوا شاشى وإنت ما تدراشى .. يا جدع ".. اختاروا من دفعته عددا قليلا جدا جدا لوظيفة وكيل نيابة بعكس كل الدفعات السابقة وبالطبع وقع الاختيار على أبناء ذوى النفوذ والواسطة .. وتفجرت بحور الأحزان طويلا ، حتى أن والدته أصيبت بشلل مؤقت شفيت منه بفضل الله .. ولم يجد عاصم أمامه حلا سوى السفر والاغتراب ، لألتقى به .. بتلك الشخصية الجميلة المدهشة .. الرجولة والمجدعة وطيبة القلب والإخلاص اللامتناهى .. وهنا فى الإمارات كانت له مغامرات أخرى قبل لقائى به ..

- " حد يوقف الطيارة دى يا ولاد الحلال .. نزلونى هناااااااااااااااا.. "

- " لقيت البنت بتقلع هدومها وهتنام ع السرير اللى جنبى .. "

- " هيضربونا بالرصاص واحنا بنصلى .......... "

هذه بعض عباراته من حكايته القادمة ( هيضربوهم وهم بيصلوا ) قريبا بإذن الله .

هناك 10 تعليقات:

حلم العمر يقول...

لم اتعجب ولو لحظه لوجود شخصيه مثل عاصم بيننا فالدنيا رغم كل ما فيها من قبح فانها احيانا تبتسم لنا وتقول: "انا برضه فيا حاجات حلوه" ومثل هؤلاء الاشخاص يهونون علينا مشوار العمر القاسي ليجعلوه أكثر احتمالا.

Ana يقول...

مرحبا حلم العمر
سعدت بتواجدك هنا ويا رب دائما .. بالفعل الدنيا مليئة بهؤلاء الأشخاص بفضل الله ، لذا أشعر بضرورة الحديث عن أمثالهم لعل السواد المحيط بنا من كل جانب لا يقضى على أملنا .

shicooo يقول...

السلام عليكم

طبعا القصة واقعية جدا .... هيه دى بلدنا يا رجالة ....
والمفروض ان عاصم اتو اى حد ميحطش امل من اساسه عشان يمكن ... احتمال ... جايز ... ربنا يكرمه مرة والا حاجة فيبقى عارف انها معجزة ويحمد ربنا انها مشبيت من غير تظبيط المرة دى
اللغة سهلة والحوار فيها بسيط ....
ننتظر القادم...

الاستاذ يقول...

استاذى الفاضل إيهاب رضوان
تم نشر تعليقك بنجاح فى مدونه فهرس المدونات
الرجاء القاء نظره على التعليق
ووضع رابط للمدونه فى مدونتك
واخبار من تعرف من المدونين للاشتراك معنا
وارجو تقبل اسفى للتأخر فى نشر تعليقك
اخوك محمد احمد

فاتيما يقول...

أستاذ إيهاب
ازيك و لو إنك لازم تكون زعلان منى
و بتمنى متكونشى
بس حبيت أقولك إنى كنت النهاردة فى نقابة الصحفيين و كانوا بيتكلموا عن القصة القصيرة و أشادوا بمجموعة قصص قدمت إليهم
و يتهيألى سمعت أسمك من ضمن الناس و تمنيت يكونوا يقصدوك إنت ...
لو دا حقيقى يبقى ألف مبروك نجاحك و الإشادة بيكى
لو مش يقصدوك يبقى لازم هييجى اليوم دا و قريباً بأذن الله
فى كل الحالات أنا شعرت بالفخر لأنى كنت قاعدة فى المكان دا و بسمعهم يقولوا إسمك
تحياتى و خالص ودى ليك

Ana يقول...

فاتيما
سعيد بتواجدك هنا أيما سعادة ..
نعم أنا هو من تحدثوا عنه ولكننى كنت أنتظر أكثر من الحديث فى الواقع ولكن أرجع وأقول أنا اللى غلطان أساسا ..
بانتظار تشريفك دوما .

fOsDö2ä يقول...

سلامو عليكم
ازيك يا ا.إيهاب ... ؟؟
حمد الله ع السلامة ...
عارفه إني مقصره طبعاً ...
بس ده مـ يمنعش إني آجي و أسلم ...
و أقولك متتابعه التكمله بإذن الله ...

ربنا يكون فـ عونك يا عاصم ...
و ربنا يكون فـ عونك يا مصري ... !!

Ana يقول...

ياه انتى لسة عايشة يا فسدقة؟! .. بغيابك تنتشر العتمة وبقدومك ينبثق النور ..
يا مرحب يا مرحب .. اتنين شاى فى الخمسينة يا واد يا بلحة ..

غير معرف يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
يسر منتدى جواد عربى ان يقدم خدمة الاعلانات فى التوقيع والذى يجعلك تربح من موضيعك و ردودك
والذى يوجد فى هذا الموضوع :
http://www.g-ar.co.cc/vb/showthread.php?t=150
ويسرنا ايضاً ان تكون عضو معنا للتسجيل من هذا الرابط :
http://www.g-ar.co.cc/vb/register.php
وايضاً يمكنك معنا ان تكون مشرف من هذا الموضوع :
http://www.g-ar.co.cc/vb/showthread.php?goto=newpost&t=561
ويمكنك ايضاً رفع ملفاتك فى مركز التحميل الخاص بنا :
http://www.g-ar.co.cc/up/
ويمكنك ايضاً اختصار الروابط و الربح منه :
http://www.g-ar.co.cc/uc/index.php

معى تحيات ادارة منتدى جواد عربى
http://www.g-ar.co.cc
ارسلة الى صديق

Unknown يقول...

حبيب قلبي ياريت حد يوصلني بيه إبراهيم الموافي 01021769124